الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البهجة في شرح التحفة (نسخة منقحة)
.فصل في الاختلاف في متاع البيت: (وإن) شرط (متاع البيت) مبتدأ على مذهب الكوفيين القائلين بجواز دخول أدوات الشرط على الأسماء (فيه) يتعلق بقوله: (اختلفا) خبر المبتدأ وألفه للتثنية يعود على الزوجين، ولا يجوز أن يكون متاع البيت فاعلاً بفعل مقدر يفسره ما بعده لأن المعنى يأبى ذلك (ولم تقم بينة) فعل وفاعل والجملة حال (فتقتفى) الظاهر أن الفاء تعليلية كما تقدم نظيره في قوله: فإنه كهبة لم تقبض. ومعنى تقتفى تتبع. (فالقول) مبتدأ (قول الزوج) خبره والجملة جواب الشرط (مع يمين) حال من الخبر المذكور (فيما) يتعلق بالخبر أيضاً (به) يتعلق بقوله (يليق) صلة ما والرابط ضمير مستتر هو الفاعل عائد على ما (كالسكين) حال من ما أو خبر مبتدأ مضمر. (وما) مبتدأ (يليق بالنساء) صلة ما (كالحلي) بضم الحاء جمع حلي وقد تكسر الحاء كما مرّ وهو على وزن فعول اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت اللام لتسلم الياء، ولما وقف الناظم على الياء المدغم فيها سكنت فالتقى ساكنان فحذف أحدهما وعلم منه أن حلى له جمعان حلي كثدي وثدى كما مر، ويجمع على حُلِي بضم الحاء وكسر اللام كما هنا وهو حال أو خبر لمبتدأ محذوف كما في الذي قبله (فهو) مبتدأ (لزوجة) خبره والجملة خبر الأول ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط في العموم والإبهام (إذا) ظرف مضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه (ما) زائدة (تأتلي) بمعنى تحلف في محل جر بإضافة إذا وجوابها محذوف للدلالة عليه. (وإن يكن) شرط واسمها ضمير متاع البيت (لاق) خبر يكن (بكل) يتعلق به (منهما) يتعلق بمحذوف صفة أي بكل واحد كائن منهما (مثل الرقيق) حال من ضمير لاق أو خبر لمبتدأ محذوف (حلفا) جواب الشرط وألفه للتثنية (واقتسما) معطوف عليه. (ومالك) مبتدأ (بذاك للزوج) يتعلقان بقوله (قضى) والجملة خبر (مع اليمين) حال (وبقوله) خبر عن قوله (القضا) ء ومعنى الأبيات: أن الزوجين ولو رقيقين أو كافرين أو أحدهما إذا اختلفا في شيء من متاع البيت فادعاه كل منهما ولا بينة لأحدهما فما كان منه معروفاً للرجال كالسلاح وثياب الرجال والمصحف والخاتم والمنطقة والحيوان وذكور الرقيق وأصناف الأطعمة والدور والأملاك والكتاب والدواة قضى به للزوج بيمينه، وما كان من ذلك معروفاً للنساء كالحلى وثياب النساء التي تصلح للباسهن والفراش والقباب والحجال وهي الستور والبسط والوسائد والملاحف والقطائف وأواني النحاس والقصاع والموائد قضى به للزوجة بيمينها قال ذلك كله في المتيطية قال اللخمي: ويختلف في إناث الرقيق لأنهن مما يشبه أن يكون لهما معاً فقال مالك وابن القاسم: يكون للرجل. وقال ابن وهب والمغيرة: يكون بينهما يريد بعد أيمانهما، وبالجملة فإن التحاكم في ذلك بعرف أهل البلد فمن شهد له العرف بشيء حلف وأخذه. اهـ. فقول الناظم مثل الرقيق أي ذكوره وإناثه كما هو ظاهر وتخصيص اللخمي ذلك بالإناث خلاف مذهب المدونة كما في ابن عرفة، والمراد بالخاتم خاتم الفضة إلا أن يعلم الرجل بمخالفة السنة وتختمه بالذهب كما في ابن عرفة، فانظر تمامه. ومفهوم قوله: ولم تقم بينة الخ أنه إذا قامت بينة عمل بمقتضاها قال في المتيطية: ما ولي الرجل شراءه من متاع النساء وأقام بينة بذلك أخذه بعد يمينه أنه ما اشتراه إلا لنفسه إلا أن تقيم المرأة بينة أنه اشتراه لها. وكذلك ما وليت المرأة شراءه من متاع الرجال فهو لها بعد يمينها إلا أن يقيم الرجل بينة أنها اشترته له وورثة كل منهما منزل منزلته إلا أنهم يحلفون على علمهم ويحلف الموروث على البت. اهـ. وأشار (خ) للمسألة بقوله في متاع البيت فللمرأة المعتاد للنساء فقط بيمين وإلاَّ فله بيمين إلخ. فقوله: وإلا أي بأن كان للرجال فقط أو لهما معاً. وانظر تبصرة ابن فرحون ولا مفهوم للزوجين في هذا الأصل بل كل امرأة ورجل اختلفا ولو أجنبيين يجري حكمهما على ما مر كما تقدم في تعريف المدعي والمدعى عليه، بل قال ابن سلمون في فصل التوارث ما نصه: والحكم في الاختلاف في متاع البيت في الموت والطلاق والبقاء في العصمة واحد والأجنبيات وذوات المحارم والزوجات في ذلك سواء. اهـ. ثم محل كون الحيوان للرجل ما لم يكن الرجل معروفاً معها بالفقر قال ابن عرفة: والإبل والبقر والغنم إلا أن تقوم بينة للمرأة أو كان الرجل معروفاً معها بالفقر وهي معروفة بالغنى ينسب ما كان كذلك إليها، ولو بالسماع، ويقول عدول الجيران فهو للمرأة وإن لم تكن شهادة قاطعة. اهـ. ومحل كون القول للمرأة فيما شأنه للنساء ما لم يكن ذلك في حوز الرجل الأخص وما لم تكن معروفة بالفقر وإلاَّ فلا يقبل قولها في أزيد من قدر صداقها قاله ابن فرحون. وانظر أواخر الكراس الثالث من أنكحة المعيار في المرأة لا يعرف لها جهاز لا قليل ولا كثير وتدخل على جهاز امرأة كانت للناكح قبل هذه ويشتري الزوج بعد ذلك ما يعرف للنساء من حلى وثياب ثم ينزل موت أو فراق وتدعي ذلك قال: ليس لها شيء من ذلك إلا أن يعرف أنها خرجت به من بيتها أو تصدق به عليها أو أفادت مالاً وعرف ذلك واتضح وإلاَّ فلا شيء لها لأن الزوج يقول: أردت جمال بيتي وجمال امرأتي فإن قالت اكتسبته وجمعته فلا تصدق لأن النساء لا يعرفن بالتكسب. اهـ. وانظر نوازل الدعاوى منه فيمن أشهدت أنها لم تترك إلا أشياء في بيتها فوجد فيه مال مدفون فإنه للزوج أو ورثته لأنها اعترفت أنها لم تترك إلا ما ذكرت. وانظر أنكحة البرزلي في المرأة تدعي ناضاً في التركة فإن قام دليل صدقها مثل بيعها أصلاً أو عرضاً يكون ثمنه مثل ذلك قبل قولها وحلفت، ابن مزين: لابد من حلفها وإن لم يكن الورثة إلا أولادها لأنها في معنى المنقلبة وإن لم يقم دليل كان القول قول الورثة لأنه يشبه كسبهما معاً. ومن الشيوخ من يراعي كون الناض في حكمها الخاص ككونه في صندوقها أم لا. (وهو) مبتدأ عائد على القول (لمن يحلف) خبره (مع نكول صاحبه من غير ما تفصيل) الظرف والمجرور يتعلقان بالاستقرار أو حالان من ضميره وما زائدة، وإنما كان القول للحالف مع نكول صاحبه لأن النكول كالشاهد فيحلف معه ويستحق.تنبيهان:الأول: قال في طرر ابن عات سئل أبو عبد الله بن الفخار عن زوجة طلبت من زوجها نفقتها فقال لها الزوج في داره مائة ربع من دقيق، وقالت المرأة ليس الدقيق لك إنما هو لي. فقال: القول قول الزوج، وكذلك لو قامت المرأة تطلبه بكسوتها فقال الزوج: ما على ظهرك هو لي أن القول قول الزوج في ذلك. وقال ابن دحون: إن القول قول الزوجة في الكسوة لأنها ماسكتها وليس هي شيئاً موضوعاً في البيت كالدقيق. اهـ.قلت: والجاري على ما يرجح أن يكون القول للزوج إذ الكسوة مما يشبه أن تكون له إذ الشرع قاض بها عليه بل لو فرضنا أنها مما يشبه أن تكون لهما لكان القول له، ولهذا لم يعرج صاحب المختصر ولا ابن عرفة على هذه المسألة إذ لا أقل أن تكون من أفراد ما يشبه أن يكون لهما والله أعلم، وإنما أشار ابن عرفة إلى هذا الخلاف في باب الشهادات عند الكلام على ترجيح البينات فقال ما نصه: وإن طلبته امرأته بكسوتها فقال لها: الثوب الذي عليك هو لي، وقالت: بل هو لي. ففي كون القول قولها أو قوله نقل الطرر عن الاستغناء فتوى ابن دحون وابن الفخار حكاهما أبو القاسم البونياني، واختار الأول وهما مبنيان على اعتبار كونها في حوز الزوج أو حوزها في نفسها اه بلفظه، ولم يعرج على هذا النقل في الاختلاف في متاع البيت ولا في النفقات كما مرّ.الثاني: إذا علم أصل ملك الكسوة للزوج كما لو ابتاع الرجل كسوة لزوجته أو اشترتها لنفسها من ماله وهو لا ينكر ذلك، فأما أن يتفقا على أنها من الكسوة الواجبة عليه لها أو يدعي هو أنها الواجبة وتدعي هي أنها هدية فالأول هو قول (خ) في النفقات وردت النفقة لا الكسوة بعد أشهر إلخ. والثاني فيه خلاف فقيل ينظر للزوج إن كان مثله يهدي لزوجته فالقول لها وإلاَّ فقوله. وقيل القول قولها مطلقاً، وقيل قوله مطلقاً لأنه يقول: أردت أن أجمل زوجتي وأحليها قال في الاستغناء: وهو أحسن. وقيل: إن ابتذلته المرأة باللباس وامتهنته فقوله: وإلاَّ فقولها قال في الطرر، وبه العمل وعليه عول الناظم في التداعي في الطلاق حيث قال: فالقول قول زوجة في الأنفس إلخ. لكن سيأتي عن الشاطبي هناك أن الصحيح في المذهب أن القول للزوج في الأنفس والقول لها في الممتهن كالوجه الأول الذي في (خ).قلت: وهذا هو الذي يجب اعتماده لأن الثوب حيث علم أن أصله للزوج فلا يخرج من يده إلا على الوجه الذي يقصده والزوجة في ذلك مدعية، ولذا قال في الاستغناء إنه الأحسن كما مرّ، وعول عليه في المعيار كما رأيته قبل هذا البيت ويؤيده ما تقدم في قوله: كما لا يخفى وأما إن ادعى هو العارية وادعت هي الهدية فكذلك أيضاً لأن الأصل عدم خروج ملكه من يده إلا على الوجه الذي يقصده، وبالجملة فلا فرق بين أن يدعي هو الكسوة الواجبة أو العارية، فالراجح في ذلك كله قول الزوج وإن كان في الشامل صدر بمقابله فلا ينبغي التعويل عليه والله أعلم.
|